هذا تمام الكلام في الاستدلال بالخبر للقول بعدم الحرمة في الكبيرة الثانية.
ويبقى الاستدلال بمقتضى القاعدة من كلا الطّرفين.
وقد تقدّم أنّ ظاهر الأصحاب هو التسالم على حرمتها ، بل هو صريح الفخر رحمهالله ، وقد أذعن صاحب الجواهر (١) وغيره بهذا الإجماع ، ولم ينقل الخلاف إلاّ عن ابن إدريس.
وقد تنظّر الاستاذ دام بقاه في ذلك لوجود شبهة انقضاء المبدا فيها ، كالكبيرة الثانية بلا فرق ، ثم أوضح ذلك بالتحقيق في مدارك هذه الفتوى بأنّه :
إن كان الدليل هو رواية علي بن مهزيار المتقدّمة سابقاً ، فقد عرفت حالها سنداً.
وإنْ كان دعوى صدق قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ... أُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ) (٢) عليها ، فهو أوّل الكلام ، وذلك لعدم الريب في أنّ «الاميّة» و «البنتيّة» متضايفتان ، والمتضايفان متكافئان قوّةً وفعلاً. ولا ريب أيضاً في أنّ «البنتيّة» و «الزوجيّة» متضادّتان ، وبالنظر إلى هاتين المقدّمتين : إنه إذا استكملت شرائط الرّضاع وتحقّقت «الأُميّة» للكبيرة ، تحقّقت «البنتيّة» للصغيرة بملاك التضايف ، وحينئذٍ ترتفع «الزوجيّة» بملاك التضاد ، فتكون هذه المرأة «امّاً»
__________________
(١) جواهر الكلام ٢٩ / ٣٣١.
(٢) سورة النساء : ٢٣.