الذي نسبته صدوريّة ، و «حلو» الذي نسبته حلوليّة ، بل التحقيق أن المناط هو الصلاحيّة للاتحاد مع الذات ، وهذا موجود في سائر المشتقات غير المصادر والأفعال.
المشهور بين النحاة ذلك ، وقد نصّ صاحب (الكفاية) وجماعة على أنه اشتباه ، لأنّه لا بدّ لكلّ مدلولٍ من دالٍّ يدلّ عليه ، والأفعال ليست إلاّ الموادّ والهيئات ، أمّا المادّة فتدلّ على الحدث فقط ، وأمّا الهيئة فهي عبارة عن معنىً حرفي ، وهو واقع النسبة الخاصّة ، فلا دالّ على دخول الزمان في مداليل الأفعال.
وربما يقال : بأن الزمان مدلولٌ التزامي للفعل ، لا مطابقي وتضمّني.
وفيه : إن الأفعال تستعمل في موارد كثيرة لا تلازم لها مع الزمان ولا تقارن ، ففي قولنا «مضى الزمان» مثلاً لا توجد ملازمة ومقارنة بين المضيّ والزمان.
وأيضاً : لا ريب في إطلاق هذه الهيئات على الله وعلى المجرَّدات ، فنقول : «علم الله» ، وعلم الله سبحانه فوق الزمان ، والمجرَّد لا زمان فيه.
فإمّا أنْ يلتزم بالمجاز في جميع هذه الاستعمالات ، لكنّها من فعل الإنسان ، وهو لا يرى ـ بالوجدان ـ فرقاً في الاستعمال والإسناد بين «علم الله» و «علم زيد» ، فلا وجه للالتزام بالمجاز ، ولا دليل على الدلالة الالتزامية بل الدليل دالّ على عدمها.
وعلى الجملة ، فإن هذه الصيغ تستعمل في جملٍ لا دخل للزمان في معانيها ، وليس في استعمالها فيها أيّة عنايةٍ.
وكلّ ذلك دليلٌ على بطلان ما اشتهر على ألسنة النّحاة.