ولا تشوبها القوّة أصلاً ، فما ذكرا في توجيه جواب المحقق الخراساني يستلزم الالتزام بالمجاز في جميع موارد إطلاق صيغ الماضي والمضارع في كافّة المجرّدات. وهذا هو المحذور المتوجّه على كلام النحاة.
٢ ـ وأجاب في (نهاية الدراية) (١) أمّا بالنسبة إلى الزمان والزمانيّات ، فبأنّ هيئة الماضي موضوعة للنسبة المتّصفة بالتقدّم ، وهيئة المضارع موضوعة للنسبة المتّصفة بالحاليّة أو المستقبليّة ، والتقدّم والتأخّر في الزمانيّات يكون بالعرض ، وفي نفس الزمان بالذات ، وقولنا : مضى الزمان الفلاني ، ويأتي الزمان الفلاني ونحو ذلك ، كلّه حمل حقيقي وليس بمجاز أصلاً.
وأمّا بالنسبة إلى ذات البارئ سبحانه ، فإن إطلاق الماضي والمضارع إنّما هو من جهة أن معيّة الحق سبحانه مع الموجودات معيّة القيوميّة ، وهذه المعيّة مع الموجود السابق سابقة ، ومع اللاّحق لاحقة ، فالسّبق واللّحوق غير مضافين إليه تعالى ، بل هما مضافان إلى ما يقوم به ، فكان إطلاق الماضي والمضارع بالنسبة إليه بلحاظ هذا السبق واللّحوق.
وأورد عليه شيخنا : بأنا لمّا نقول «علم الله» و «يعلم الله» ونحو ذلك ، نستعمل الهيئة في نفس الذات المقدّسة ، لا في السابق أو اللاحق الذي كان مع الله ، فلا مناص له إلاّ الالتزام بالمجاز والعناية ، وهو كرّ على ما فرّ منه.
٣ ـ وأجاب في (درر الاصول) (٢) بما حاصله :
أوّلاً : إن الفعل الماضي موضوع لمضيّ المادّة التي تحت هيئة الماضي ، بالنسبة إلى حال الإطلاق ، بدليل قولهم : مضى الزمان.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ١٨١.
(٢) درر الاصول ١ / ٦٠ ط جامعة المدرّسين.