وضع ، غاية الأمر هو أن الأخصي يقول بأن الوضع لخصوص المتلبّس ، والأعمي يقول : ذاك أصبح مناطاً والوضع للأعم منه ، إذن ، يكون لصدق المشتق على المتلبّس أولويّة عقليّة بالنسبة إلى الأعم ، ولعلّ هذه الأولويّة هي السّبب في انسباق المتلبّس خاصّةً ، ومعه لا يقين بكونه مستنداً إلى حاقّ اللّفظ ، ليكون حجةً.
قال شيخنا دام ظلّه :
وهذا الاحتمال لا دافع له ، إلاّ بأنْ يقال : بأن المهمّ ـ كما تقدّم ـ هو الرجوع إلى أهل اللّسان ، لا إلى المستعلم ، وإنه ليس في ارتكازات أهل اللّسان مثل هذه الأولويّة العقليّة في دلالات الألفاظ.
فيكون التبادر ناشئاً من حاقّ اللّفظ لا من غيره.
قال في (الكفاية) بعد التبادر : وصحّة السلب مطلقاً عما انقضى عنه ، كالمتلبّس به في الاستقبال ، وذلك ، لوضوح أن مثل «القائم» و «الضارب» و «العالم» وما يرادفها من سائر اللّغات ، لا يصدق على من لم يكن متلبّساً بالمبادئ وإنْ كان متلبّساً بها قبل الجري والانتساب ، ويصحّ سلبها عنه ، كيف؟ وما يضادّها ـ بحسب ما ارتكز من معناها في الأذهان ـ يصدق عليه ، ضرورة صدق «القاعد» عليه في حال تلبّسه بالقعود بعد انقضاء تلبّسه بالقيام ، مع وضوح التضادّ بين «القاعد» و «القائم» بحسب ما ارتكز لهما من المعنى ، كما لا يخفى.
وهذا الاستدلال لا يخلو من إبهام ، فإنّ صحّة الحمل وصحة السّلب على قسمين : صحّة الحمل والسّلب المفهومي ، وصحّة الحمل والسّلب