تقدّم أنّه عرّف علم الاصول بالقواعد الممهّدة لتحصيل الحجّة على الحكم الشّرعي ، وهو تعريف يدخل به ما كان خارجاً عن تعريف صاحب (الكفاية) ، كما أنه يصلح لأن يكون جامعاً بين الغرضين ، فلا يلزم تعدّد علم الاصول.
لكنّه صرّح في (نهاية الدراية) وفي (الاصول على النهج الحديث) بخروج البراءة الشرعية وأصالة الحلّ عن تعريفه ، فلا بدّ من جعلها بحوثاً استطرادية ، لكون مفادها بنفسها أحكاماً شرعيّة. لكنّ ينقض عليه بالاستصحاب ـ بناءً على أن مدركه هو الأخبار ـ فهو أيضاً حكم شرعي ، والملاك في الاصول العملية أنْ تكون حجّة على الحكم الشرعي ، فما كان حجةً فهو من مسائل الاصول ، وما لا فلا ، فالبراءة الشرعيّة داخلة ، لكونها حجّة شرعيّة ، فلا وجه للاستطراد ... وكذا قاعدة الحلّ.
ثم إنّ الإشكال المهمّ المتوجّه على هذا التعريف هو : أنّه إنْ أريد من إقامة الحجّة على حكم العمل إقامتها بلا واسطة ، وأنّه بمجرّد الوصول إلى تلك القاعدة تحصل الحجّة وتقام على الحكم ، لزم خروج كثير من المسائل ، ففي بحث دلالة ألفاظ العموم مثلاً لا تكون النتيجة إقامة الحجّة بلا واسطة ، وكذا نتيجة مباحث حجيّة الظهور. وإنْ اريد من ذلك إقامتها على الحكم ، أعمّ من أن تكون مع الواسطة أو بلا واسطة ، لزم دخول بعض العلوم كعلم الرّجال ـ مثلاً ـ في علم الاصول.
بل إنّ هذا الإشكال يتوجّه على تعريف المحقق العراقي بأنّه القواعد