اختلفت كلمات المحقّقين في حقيقة الوضع على ستة أقوال أو أكثر ، ونحن نذكرها ونتكلّم عليها ، فنقول :
أمّا صاحب (الكفاية) قدسسره فلا يظهر من كلامه شيء عن حقيقة الوضع ، وإنما قال :
«الوضع هو نحو اختصاصٍ للّفظ بالمعنى وارتباط خاص بينهما ، ناشٍ من تخصيصه به تارةً ومن كثرة استعماله فيه أخرى ، وبهذا المعنى صحّ تقسيمه إلى التعييني والتعيّني» (١).
فهذا الكلام ـ كما لا يخفى ـ ليس فيه بيانٌ لحقيقة الوضع ، ولهذا قد لا يذكر كلامه في هذا المبحث إلاّ للإشارة إلى الخصوصيّات التي لحظها فيه ... كالسرّ في عدوله عن «التخصيص» إلى «الاختصاص» ، وأنّه لما ذا قال : «نحو اختصاص»؟ أمّا العدول المذكور فلأنّه وإن كان الوضع التعييني «تخصيصاً» من الواضع ، لكنّ الوضع التعيّني يحصل على أثر كثرة استعمال اللّفظ في المعنى ، فهو «اختصاص» لعدم المعنى للتّخصيص التعيّني. وأمّا التعبير ب «نحو اختصاص» فلأنّ الاختصاص على نحوين ، فتارةً : يوجد أثر تكويني في
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩.