والتشريع.
ولا يخفى ما فيه ، فإنّه ـ بغض النظر عن عدم قابليّة التخصيص للتعيين والتعيّن معاً ـ ليس الامور الواقعيّة إلاّ ما يوجد في الخارج بإزائها شيء ، كالجواهر والأعراض ـ عدا الإضافة ـ أو ما لا يوجد ذلك ، بل يوجد المنشأ للانتزاع كالفوقيّة والتحتيّة ونحوهما. وأمّا وجود أمر ثالثٍ يكون وسطاً بين الامور الخارجية الواقعية وبين التشريعية فهو غير معقول. هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ الوضع يتبع احتياج البشر في إفادة أغراضه ومقاصده ، فهو في الحقيقة يحلُّ محلّ الإشارة المفهمة ، فإذا ولد له مولود وضع له اسماً كي يناديه به متى أراده ، وكذا لو اخترع جهازاً ، وهكذا ... فليس الواضع هو الله ولا أحد معيّن من أفراد البشر. اللهم إلاّ أن يثبت بدليلٍ يقيني أنّ المراد من قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) (١) هو أسماء الكائنات ، ولكن دون إثبات ذلك خرط القتاد.
والمحقّق العراقي ذهب إلى أنّ الوضع عبارة عن : نحو إضافة واختصاص خاص يوجب قالبيّة اللّفظ للمعنى وفنائه فيه فناء المرآة في المرئي ، بحيث يصير اللّفظ مغفولاً عنه وبإلقائه كأنّ المعنى هو الملقى ، بلا توسيط أمرٍ في البين ، قال : ومن جهة شدّة العلاقة والارتباط بين اللّفظ والمعنى وفناء الأول في الثاني ترى سراية التعقيد من اللّفظ إلى المعنى ، وسراية الحسن والقبح من المعنى إلى اللّفظ.
وأورد عليه في (المحاضرات) بما حاصله : إنّ هذه الملازمة المجعولة
__________________
(١) سورة البقرة : ٣١.