الوضع أمر اعتباري إلاّ أنّه يختلف عن الامور الاعتبارية الاخرى بأنّ ما تعلّق به الاعتبار يتحقق له واقع ويتقرّر له ثبوت واقعي ، كسائر الامور الواقعيّة ، فهو يختلف عن الامور الواقعيّة ، من جهة أنه عبارة عن جعل العلقة واعتبارها ، ويختلف عن الامور الاعتبارية ، بأن ما يتعلّق به الاعتبار لا ينحصر وجوده بعالم الاعتبار ، بل يثبت له واقع في الخارج.
ويقول في أثناء البحث ما نصّه : «فالمدعى : إن الجاعل اعتبر مفهوم الملازمة والعلقة بين اللّفظ والمعنى ، وقد نشأ من اعتبار هذه الملازمة ملازمة حقيقية واقعية بين طبيعي اللّفظ وطبيعي المعنى ، بلحاظ أن ذلك الاعتبار أوجب عدم انفكاك العلم بالمعنى وتصوّره عن العلم باللّفظ وتصوره ، وتلازم الانتقال إلى المعنى مع الانتقال إلى اللّفظ ، وهذا يعني حدوث ملازمة واقعية بين اللّفظ والمعنى ...».
فكم فرق بين العبارتين؟
إنه على الأولى يتوجّه إشكال شيخنا الاستاذ ، أمّا على الثانية فلا ، بل يكون الوضع حاله حال التبادر ، كما تقدّم في كلام شيخنا.
ويبقى الإشكال على المحقق العراقي والسيد الاستاذ في تعلّق الجعل بالملازمة ، بل إنّ هذا الإشكال يقوى بناءً على العبارة الثانية من أن تلك العلقة الواقعيّة تنشأ من العلقة الاعتبارية ، لوضوح أنّها حينئذٍ غير مقصودة للواضع ، ولا مستندة إليه ، فكيف تكون الملازمة من فعله؟
قال المحقق الحائري في (درر الاصول) :
«الذي يمكن تعقّله : أنْ يلتزم الواضع أنه متى أراد معنىً وتعقّله وأراد