قال : وأمّا ما ربما يتوهّم هنا من أن العلقة الوضعيّة لو لم تكن بين الألفاظ والمعاني على وجه الاطلاق ، فلا يتبادر شيء من المعاني منها إذا صدرت عن شخصٍ بلا قصد التفهيم ، أو عن شخص بلا شعور واختيار ، مع أنّه لا شبهة في تبادر المعنى منها.
فأجاب : بأن هذا التبادر غير مستند إلى العلقة الوضعية ، بل إنما هو من جهة الانس الحاصل بينهما بكثرة الاستعمال أو بغيرها (١).
أقول :
أمّا النقطة الاولى ، فقد عرفت ما فيها من كلام شيخنا.
وأمّا النقطة الثانية ، فيظهر ما فيها من كلامه أيضاً ، مضافاً إلى أنّ دعوى كون الانتقال من اللّفظ إلى معناه عند سماعه ـ حتى من الأطفال والمجانين الذين لا يقصدون التفهيم ـ إنما هو على أثر الأُنس الحاصل بين اللّفظ والمعنى بكثرة الاستعمال أو غيرها أوّل الكلام.
وتلخّص :
أنه لا دليل على هذا القول ، بل الدليل على خلافه.
وهو مبنى : الوجود التنزيلي ، أي : اعتبار اللّفظ وجوداً للمعنى.
وحاصله : إن للشيء أربعة أنحاء من الوجود ، اثنان منها تكوينيّان ، وهما الوجود الخارجي والوجود الذهني ، وإثنان اعتباريّان ، وهما الوجود الكتبي والوجود اللّفظي.
فحقيقة الوضع عبارة عن اعتبار اللّفظ وجوداً للمعنى ، فإنّه وإنْ كان
__________________
(١) محاضرات في علم الاصول ١ / ٥١.