فاعل» أو «على زنة مفعول» وهكذا.
فالإشكال هو : لما ذا يمكن لحاظ المادّة بنفسها ووضع اللّفظ للحدث الخاص ، ولا يمكن لحاظ الهيئة بنفسها ، وما هو الفارق بينهما؟
والوجه الذي ذكره المحقق الأصفهاني رحمهالله ـ وهو خير ما قيل في المقام لبيان الفرق هو : إن الامور الواقعيّة منها الجوهر ومنها العرض ، والجوهر غير محتاج في وجوده إلى العرض وإنْ كان غير منفكٍ عنه ، إذ لا وجود للجسم في العالم بلا شكل ، بخلاف العرض فإنّه في وجوده محتاج إلى الجوهر ، فبين الوجودين تلازم ، لكن الجوهر في حدّ ذاته لا يحتاج إلى العرض بخلافه فإنه محتاج إلى الجوهر.
وكذلك المعاني .. فقسم منها غير محتاجٍ في ذاته إلى الغير ، كالمعاني الاسميّة ، وقسم منها محتاج إلى الغير في حدّ ذاته ، وهو المعنى الحرفي.
إذا اتضح هذا ، فإنّ الهيئة مثل ضارب محتاجة إلى المادّة وهو الضرب ، كما أنَّ معناها ـ وهو النسبة الصدورية ـ محتاج إليها كذلك ، فضاربٌ هيئة مندكّة هي ومعناها في المادة وهي الضرب ، ولأجل هذا الاندكاك والفناء الذاتي لا يكون للهيئة قابلية اللّحاظ الاستقلالي ، فلا محيص في ناحية لفظها أنْ يكون الملحوظ والمتصوَّر عنوان «كلّ ما كان على هيئة فاعل» أو «على هيئة مفعول» وهكذا.
وعلى الجملة ، فإنّ المادّة غير مندكّة في الهيئة ، لذا كانت قابلة للّحاظ ، لذا كان الوضع شخصيّاً ، وأمّا الهيئة فإنها مندكّة في المادّة ، فهي غير قابلة للّحاظ ، لذا يكون الوضع نوعيّاً.