ليس الحكم في القضايا الحقيقية بلحاظ الخصوصيات دائماً ، فلا يلزم في مثل : «كلّ من كان مستطيعاً فيجب عليه الحج» لحاظ أفراد المستطيع ، بل الحكم يتوجّه إلى كلّ مستطيع من حيث أنه مستطيع ، لا من حيث أنه زيد وعمرو وبكر ... وهذا القدر كاف في صحّة القضيّة الحقيقيّة.
لكنّ الكلام في المقام في لحاظ الخصوصيّة ـ بما هي خصوصيّة ـ بواسطة العام ، فبين المقام ومسألة القضية الحقيقيّة فرق ، وإنكار الوضع العام والموضوع له الخاص لا يضرّ بتلك المسألة.
في الوضع الخاص والموضوع له العام ، بأنْ يكون المعنى الملحوظ حين الوضع خاصّاً ، فيوضع اللّفظ بواسطته على العام القابل للصّدق على كثيرين.
وقد أنكر الكلّ هذا القسم إلاّ الميرزا الرشتي في (بدائع الاصول) (١) وحاصل كلامه:
إنه كما أن الجزئي يرى بواسطة الكلّي ، كذلك الكلّي يرى بواسطة الجزئي ، فإنّ «الإنسان» يرى مع «زيد» غير أنّه تارةً يوضع اللّفظ عليه من حيث أنه «زيد» ، واخرى يوضع عليه اللّفظ من حيث أنه «إنسان».
وقد أوضح ذلك بأن من يصنع معجوناً مركّباً من أجزاء ، تارة يلحظ المعجون بلحاظ كونه معجوناً خاصّاً ، واخرى يلحظه بلحاظ الخاصيّة التي فيه ، فالوضع باللّحاظ الثاني خاص والموضوع له عام ، فالفرق بين الوضع العام والموضوع له العام ، وبين الوضع الخاص والموضوع له العام ، هو الفرق
__________________
(١) بدائع الاصول : ٣٩.