كان غسّان بن عبد الملك عابدا سيدا فاضلا مطعاما للطعام ، كثير العطاء لمن اعتراه وانقطع إليه ، وكان عطاؤه ألفين ، فلما انقطع في العبادة ترك ديوانه ، فأضرّ به ذلك ، فوفد إلى هشام بن عبد الملك ، فأكرمه وقرّب مجلسه ، وسأله أن يفكّ عنه الحلقة وأن يعطيه عطاءه ففعل فسأله بعد ذلك شيئا فقال : حاجة أخرى بعد فكّ الحلقة ، وكان ربما أعطى ماله وتصدّق حتى يرجع إلى أهله في سراويل ، فلا يحضره الشيء فيدخل منزله فيأخذ الداجن ليعطيها السائل.
٥٥٤٧ ـ غسّان (١) بن مالك بن مسمع
ابن سنان بن شهاب بن علقمة بن عبّاد بن عمرو
ابن ربيعة بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الرّبعي البصري
وفد على عبد الملك بن مروان.
ووفد على يزيد بن عبد الملك ، فدفع إليه غلامين من آل المهلّب فقتلهما بأبيه مالك ، وعمّه عبد الملك ابني مسمع ، وكان قتلهما معاوية بن يزيد بن المهلّب بواسط حين انتهى إليه قتل أبيه يزيد بالعقر (٢) كما ذكر عوانة بن الحكم ، وحكاه عبد الله بن سعدة القطربلي.
قرأت بخط أحمد بن محمّد الدلوي فيما ذكر أنه نقله من خط الحسن بن الحسين السكري ، وأظنه حكاه عن غيره قال : وحدّثني عمي عبيد الله بن شيبان قال :
لما حبس الحجاج مسمع بن مالك وفد عليه (٣) غسّان بن مالك بن مسمع إلى عبد الملك بن مروان قال : فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت عليه وهو في مجلس ، وفي ذلك المجلس باب إلى بيت عليه ستر مرخى ، فقال لي : ما أزعجك يا بن مالك وأشخصك إلينا؟ قلت : أصلحك الله ، أمير المؤمنين ، حبس الحجاج مسمع بن مالك في غير ذنب ولا جرم ، ففزعت إلى أمير المؤمنين في ذلك ، قال غسّان : فسمعت تصفيقا من البيت وكلاما خفيا : والله ما يريد الحجاج أن يدع أحدا من أهل الطاعة وأهل المعصية ، أيحبس مثل مسمع بن مالك؟ ثم دعا (٤) بكاتبه فقال : اكتب إلى الحجاج : والله لئن أقدمت على مسمع بشيء لأقدمنّ
__________________
(١) قارن نسبه مع نسب غسان بن عبد الملك بن مسمع ، وارجع إلى جمهرة ابن حزم ٣٢٠ و ٣٢١.
(٢) العقر : بفتح أوله وسكون ثانيه ، وهو عدة مواضع. منها : عقر بابل قرب بابل ، قتل عنده يزيد بن المهلب بن أبي صفرة سنة ١٠٢ وكان قد خلع طاعة بني مروان (معجم البلدان).
(٣) كذا بالأصل.
(٤) بالأصل : «دعي» واللفظة غير واضحة في ت.