إن أخذ قصد الأمر هنا أيضاً غير ممكن ، لأن حصول الامتثال وسقوط الأمر بإتيان المتعلَّق بقصد الأمر الأوّل إن كان ممكناً ، فالأمر الثاني يكون لغواً ، وإنْ لم يتحقق الامتثال ، فالأمر الأوّل باق ، والسبب في بقائه هو عدم تحقّق الغرض منه ، لأن الأمر معلول للغرض ثبوتاً وسقوطاً ، وما لم يحصل فهو باق ، وإذا كان المنشأ ذلك ، فإنّ حكم العقل بلزوم تحصيل غرض المولى ـ مع الشك في محصّله ، فكيف مع العلم ـ يكفي لأنْ يؤتى بالمتعلَّق بقصد الأمر الأوّل ، فيكون الأمر الثاني لغواً كذلك.
وتلخّص : إن الأمر الثاني ليس بمحالٍ لشيء من المحاذير المتقدمة ، إلاّ أنه محال للزوم اللّغوية ، إلاّ أن يحمل على الإرشاديّة إلى حكم العقل.
وإذ لا يمكن أخذ قصد الأمر بالأمر الثانوي ، فلا يمكن الإطلاق ، حتى يؤخذ بنتيجة الإطلاق ، ويترتب الأثر المقصود.
الكلام حول الإشكال
قال السيّد الاستاذ : وقد استشكل الأعلام فيما أفاده صاحب الكفاية ، وهم ما بين من أغفل الشقّ الأول من الترديد واقتصر في الإيراد على الشقّ الثاني ، وما بين من تصدّى في إشكاله إلى كلا شقّى الترديد وهو المحقق الأصفهاني.
ثم إنه ذكر كلماتهم وناقشها وانتهى إلى القول : بأنّ ما ذكره صاحب الكفاية في منع تعدّد الأمر وأخذ قصد القربة في متعلّق الأمر الثاني ، بالتقريب الذي ذكرناه ، لا نرى فيه إشكالاً ، فالالتزام به متّجه ، وبذلك يتبيّن أنّ أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر ممنوع عقلاً(١).
__________________
(١) منتقى الاصول ١ / ٤٤٣ ـ ٤٥١.