وذكر السيد البروجردي (١) الإشكال في أخذ قصد الأمر الثانوي بوجهٍ آخر ، وهو : إن الأمر الأوّل قد تعلَّق بالصّلاة بلا قصد القربة ، ومن المعلوم أنها بلا قصدٍ للقربة لا يترتب عليها الغرض منها ، كما أن من الواضح أنّ هكذا عملٍ لا مصلحة فيه ولا ملاك ، فلا يكون الأمر به أمراً حقيقيّاً بل هو صورة الأمر ، وعليه ، فتعدّد الأمر لا يحلُّ المشكلة.
وأجاب الاستاذ دام بقاه عمّا ذكره بالنقض والحلّ.
أمّا النقض ، فإنه لا ريب في أنْ الأمر بالصّلاة ليس أمراً بالوضوء ، بل مطلوبيّة الوضوء في الصّلاة إنما هي بأمرٍ آخر غير الأمر المتوجّه إلى الصّلاة ، فدليل الصّلاة قوله تعالى ـ مثلاً ـ : (أَقِمِ الصَّلَاةَ) (٢)ودليل اعتبار الوضوء فيها قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ...) (٣) لكنّ الصّلاة ذات المصلحة والملاك هي الواجدة للوضوء ، فيكون لازم كلامه قدسسره أنْ يكون الأمر المتعلّق بالصّلاة أمراً صوريّاً ، لأنّ اعتبار الوضوء فيها بأمرٍ آخر ... لكن لا يُظنُّ به الالتزام بصوريّة الأمر المتعلّق بالصّلاة.
وأمّا الحلُّ ، فإنّ صوريّة الأمر إنما هي فيما إذا كان متعلَّق الأمر أجنبيّاً عن الغرض ، أمّا إذا كانت نسبة المتعلَّق إلى الغرض نسبة المقتضي إلى المقتضى فالأمر حقيقي لا صوري.
إنّ الأمر بالصّلاة أمر بمقتضى الغرض ، غاية الأمر كون قصد الأمر متمّماً
__________________
(١) الحجة في الفقه : ١٢٤.
(٢) سورة الإسراء : ٧٨.
(٣) سورة المائدة : ٦.