لهذا الاقتضاء ، كما أنّ الصّلاة لها اقتضاء حصول الغرض ، إلاّ أنّ الوضوء متمّم لهذا الاقتضاء ... هذا من الجهة العقليّة ... ومن الجهة العرفيّة كذلك ، فإن أهل العرف يبعثون نحو الذات بأمرٍ ونحو قيدها بأمرٍ آخر ، فيكون للمقيَّد أمر وللقيد أمر ، ولا يرون الأمر المتوجّه نحو الذات أمراً صوريّاً ، بل هو عندهم أمر حقيقةً ، والسرّ في ذلك هو : أنّ متعلَّق الأمر إذا كان واجداً للملاك ومحصّلاً للغرض ولو بنحو الجزئية أو على نسبة المقتضي إلى المقتضى ، فالأمر عندهم أمر حقيقي لا صوري.
وعلى الجملة ، فإنّ هذا الوجه أيضاً مندفع ...
والحق : صحّة أخذ قصد الأمر في المتعلَّق بتعدّد الأمر.
هل يمكن أخذ سائر الدواعي؟
وبعد ، فإذا فرضنا عدم إمكان أخذ قصد الأمر ، لا في متعلَّق الأمر الأوّل ولا في متعلّق الأمر الثانوي ، فهل يمكن التقييد بوجهٍ آخر حتى يتمّ الإطلاق لعدم التقييد مع التمكّن منه؟
إن هناك جملة من الدواعي للعمل ، كقصد محبوبيّة العمل لله ، أو الإتيان بالعمل بداعي أنّ الله أهل للعبادة ، أو بقصد مصلحة العمل ، أو كونه حسناً؟
قال الشيخ الأعظم (١) بالإمكان ، فوسّع دائرة التقرّب إلى الله في العمل العبادي ، وأنه يحصل القرب والمقرّبية بشيء من هذه الدواعي أيضاً ، وحينئذٍ ، فلمّا كان المولى في مقام البيان ، وكان خطابه مجرّداً عن كلّ قرينةٍ دالّة على اعتبار شيء من ذلك ، أمكن التمسّك بالإطلاق ، وبذلك يتمّ الأصل اللّفظي لتوصّليّة العمل المردّد بين التوصّليّة والتعبديّة.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٦٤.