هل يمكن التقييد بلازم قصد الأمر؟
وهذا طريقٌ ثالث لتقييد المتعلَّق بعد فرض العجز عن تقييده بقصد الأمر الأول أو الثاني ، وعن تقييده بسائر الدواعي ، فهل يمكن للمولى أنْ يتوصّل إلى غرضه في الواجبات العباديّة بتقييد متعلَّق أمره بلازم قصد الأمر أو لا؟
توضيحه : إن الأعمال التي يقوم بها المكلَّف ، إمّا هي بالدّواعي النفسانيّة الباعثة عليها ، وامّا هي بالدّواعي الإلهيّة ، فلو قال المولى لعبده : افعل كذا لكنْ لا بداعٍ من الدّواعي النفسانيّة ، فقد أمره بالإتيان به بداعٍ إلهي ، فيكون قد أخذ في متعلَّق المأمور به هذا القيد العدمي ، ليكون مضافاً إلى المولى.
ولمّا كان المولى في مقام البيان ، وكان بإمكانه أخذ هذا القيد ، كان عدم أخذه له كاشفاً عن الإطلاق.
... هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل اللّفظي الداخلي ، وهو الجهة الاولى من جهات بحث التعبّدي والتوصّلي.
٢ ـ الإطلاقُ الخارجي
والمقصود هو الأدلة اللّفظية ، فقد استدلّ بالكتاب والسنّة للدلالة على أنّ الأصل في الواجبات هو التعبديّة لا التوصليّة ، وأنّ ذلك مقتضى آيتين من القرآن الكريم ، وروايات كثيرة.
الاستدلال من الكتاب :
قوله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١)
وقوله تعالى : (أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (٢)
__________________
(١) سورة البيّنة : ٥.
(٢) سورة النساء : ٥٩.