وتقريب الاستدلال ـ كما ذكر المحقق الرشتي (١) ـ أمّا الآية الاولى ، فلأن اللاّم فيها للغاية والآية دالّة على الحصر ، فتفيد أنّ تمام الأمر وامتثاله إنما هو بالغاية من العبادة.
ثم أشكل أوّلاً : بأنّ مدلول الآية ليس التعبديّة ، وإلاّ لزم التخصيص المستهجن لأغلبيّة الواجبات التوصّليّة من التعبديّة في الفقه. وثانياً : بأن سياق الآية قرينة على أن المراد من الذين «امروا» هم «أهل الكتاب».
وقد اجيب عن هذا الإشكال بوجهين ، أحدهما : استصحاب الشرائع السابقة. والآخر : بأنّ في ذيلها (ذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٢) وهذا الجواب أدق ، وهو للمحقق الخونساري في (مشارق الشموس) (٣).
وأمّا الآية الثانية ، فتقريب الاستدلال بها هو : إن الإطاعة ليس إلاّ الامتثال ، وهو لا يحصل إلاّ بقصد الامتثال.
وفيه : إن الطاعة تقابل المعصية ، وهي عبارة عن مخالفة الأمر ، فالطّاعة موافقة الأمر ، وليس الموافقة مقيَّدة بقصد الأمر. وأيضاً : فالتوصّليات أيضاً يقع فيها الطّاعة والعصيان ، مع عدم اعتبار قصد الأمر في الإطاعة فيها.
واستدلّ من السنّة : بالأخبار الكثيرة الواردة في أنْ لا عمل إلاّ بالنيّة ، وإنّما الأعمال بالنيّات ... ونحو ذلك (٤) ...
والجواب : إنّها أجنبية عن اعتبار قصد القربة ، بل إنها ظاهرة في أنّ الثواب والأجر من الله يدور مدار النيّة ...
__________________
(١) بدائع الاصول : ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(٢) سورة البيّنة : ٥.
(٣) مشارق الشموس في شرح الدروس : ٩٧.
(٤) ذكرها صاحب الوسائل في المجلّد الاول ، في الباب الخامس من أبواب مقدمات العبادات.