إن الأصل العملي المطروح أوّلاً في هذا المقام هو الاستصحاب ، ببيان : أنه قد كان العمل واجباً ، ومع الإتيان به بلا قصدٍ للأمر يشك في سقوط التكليف ، فيكون باقياً بحكم الاستصحاب.
وقد أورد عليه المحقق الأصفهاني (١) : بعدم جريانه ، لكونه بلا أثر شرعي ، لأنّ استصحاب الوجوب لإثبات وجوب قصد الامتثال أصل مثبت ، لأنّ قصد الامتثال ليس من الآثار الشرعية لبقاء الوجوب ، نعم هو من آثاره العقلية.
وإنْ اريد من إجراء الاستصحاب إثبات دخل قصد الامتثال في الغرض من الوجوب ، ففيه : إن الدخل في الغرض وعدمه من الامور الواقعيّة ، وليس أمراً مجعولاً من قبل الشارع كي يثبت بالتعبّد الشرعي.
وإنْ اريد من الاستصحاب إثبات موضوع حكم العقل بلزوم الطاعة ، بمعنى أنه إذا ثبت الوجوب بقاءً حكم العقل بلزوم الإطاعة كي يحصل غرض المولى من الأمر ، ففيه : إن استصحاب بقاء الوجوب لا يثبت موضوع حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض ، لأن المفروض عدم قيام الحجّة على غرضه من جهة التعبدية.
فظهر سقوط هذا الاستصحاب بجميع الوجوه.
قال الاستاذ دام بقاه : إن ما ذكره المحقق المذكور في الإيراد على
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٣٤٧.