الاستصحاب إنما يتم لو اريد ترتيب أثر شرعي على الاستصحاب ، ولكنّ المستصحب فيما نحن فيه هو نفسه حكم شرعي ، وباستصحابه يثبت الموضوع للحكم العقلي ، لأنّ المستصحب هو «الوجوب» ، وإذا ثبت بقاءً تمّ اشتغال الذمّة ، والعقل يحكم بضرورة العمل لفراغها ، ولا شكّ في عدم اختصاص حكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف بالوجوب الواقعي ، بل يشمل الوجوب التعبّدي الثابت بالاستصحاب أيضاً ...
بل الحق في الإشكال ـ والذي غفل عنه المحقق الأصفهاني ـ هو عدم المقتضي للاستصحاب فيما نحن فيه ، وذلك : لأن الوجوب إنما ينتزع من الأمر والحكم ، فإنْ كان أمر كان الوجوب وإلاّ فلا ، وهنا لا يوجد أمرٌ ، إذ الأمر الشخصي المتعلّق بالصّلاة التي هي عبارة عن الأجزاء قد سقط بالإتيان بالأجزاء ، فلا تبقى داعويّة للأمر ، إذ الأمر لا يدعو إلاّ إلى متعلّقه ، فإذا تحقق سقط الأمر ، فهو غير موجود حتى يستصحب.
وإذْ سقط الاستصحاب ، تصل النوبة إلى الأصل المحكوم به ، فهل المقام مجرى البراءة أو الاشتغال؟
إن مسألتنا من صغريات دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فإنْ كان قصد القربة واجباً فالواجب هو الأكثر وإلاّ فالأقل ... مع العِلم بالتلازم بين التكليف والغرض ، في الثبوت والسقوط.
وقد ذهب المحقق الخراساني هنا إلى الاشتغال وعدم جريان البراءة مطلقاً ـ وإن كان مختاره في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين جريان