لو وقع الفقيه في شك بالنسبة إلى واجبٍ من الواجبات هل هو نفسي أو غيري؟ أو هل هو تعييني أو تخييري؟ أو هل هو عيني أو كفائي؟ فما هو مقتضى القاعدة؟
المرجع عند الشك هو الأصل اللّفظي ثم الأصل العملي ... أمّا الأصل العملي الجاري في هذا المقام ـ في فرض عدم الأصل اللّفظي ـ فسيأتي في مبحث مقدّمة الواجب.
وأمّا الأصل اللّفظي ، فقد قال في (الكفاية) (١) : إطلاق الصّيغة يقتضي النفسية والعينية والتّعيينية ...
ومراده رحمهالله من هذا الإطلاق هو : إن الثلاثة المقابلة لهذه الثلاثة تحتاج ثبوتاً وإثباتاً إلى بيانٍ زائد ، لأنّ الوجوب الغيري وجوب له ارتباطٌ ثبوتي بوجوبٍ آخر ، كالوضوء بالنسبة إلى الصّلاة ، ففي الوجوب الغيري تقييدٌ واشتراط ، وكذا في الوجوب الكفائي ، لأنه يرتبط بعدم إتيان الغير للعمل ، فلو صدر العمل من أحدٍ فلا وجوب عليه ، وفي الوجوب التخييري تقيّد بعدم إتيان العدل ، فلو أطعم الستّين مسكيناً فلا وجوب لعتق الرقبة مثلاً ... فظهر : إن الثلاثة في عالم الثبوت فيها تقيّد وارتباط واشتراط ، وهذا التقيّد بحاجةٍ إلى بيانٍ زائدٍ في عالم الإثبات ، ولذا نرى الآية الكريمة في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٧٦.