لإخراج ما ثبت وجوبه عن التردّد بين النفسية والغيرية ، والعينية والكفائيّة والتَعيينية والتخييرية.
والمحقق الأصفهاني له تقريبٌ آخر للإطلاق ، يقول (١) : ليس المراد من النفسيّة أنْ يكون الشيء واجباً غير مرتبطٍ وجوبه بشيءٍ آخر ، بل إن تقريب الإطلاق هو أنه إن كان أمران لأحدهما قيد وجودي وللآخر قيد عدمي ، فإنّ عدم القيد الوجودي يكفي لإثبات الطرف الآخر المقيَّد بالعدم ، وتطبيق ذلك هنا هو : إنّ الواجب الغيري ـ كالوضوء ـ مقيد بقيدٍ وجوديّ هو : كونه واجباً لواجبٍ آخر ، فالوضوء يجب للصّلاة ، أمّا الواجب النفسي ـ الصّلاة ـ فليس له هذا القيد ، لأنه واجبٌ لا لواجبٍ آخر ، و«لا لواجبٍ آخر» قيد عدمي ، وحينئذٍ ، فعدم القيد الوجودي «لواجبٍ آخر» يكفي لأنْ يكون الواجب نفسيّاً ... وهذا معنى الإطلاق ، لأنّ الذي يحتاج إلى بيانٍ زائد هو القيد الوجودي «لواجب آخر» ، أمّا الذي هو واجب لنفسه فقيده «لا لواجب آخر» ، فنفس عدم التقييد بالقيد الوجودي يكفي لأنْ يكون الواجب نفسيّاً لا غيريّاً.
هذا ، وقد صرَّح الاستاذ في الدورة السابقة بمتانة بيان المحقق الأصفهاني ، وأجاب عمّا أورد عليه من أنّ العدم الذي هو في الواجب النفسي «لا لوجوبٍ آخر» ...
إنْ كان بنحو السالبة المحصَّلة ، فإنها تصدق مع عدم الموضوع أيضاً ، فقولك : زيد ليس بقائمٍ يصدق مع عدم زيد ، وكذلك هنا ، فإنّ «لا لوجوبٍ
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٣٥٣.