والحق : إنه يعتبر في «الأمر» العلوّ ، وأنه لا أثر لأمر المستعلي ، لأن الأمر مفهوماً وعقلاء من شئون العالي ، ولا أمر للداني المستعلي ... ولا فرق في العالي بين أنْ يكون علوّه بحقٍّ أو يكون بغير حق.
ومن الواضح أن جميع الأوامر الشرعيّة صادرة عن العالي ، وعلوّه تعالى بالحق ، بل كلّ علوٍّ بالحق فإنّه من علوّه.
قبل الورود في البحث نقول : هل مفهوم الأمر عبارة عن الطلب ، أو الطلب الخاص المبرز ، أو المجموع المركب هو الأمر ، أو أنه ينتزع الأمر من الطلب المبرز للطلب النفساني؟
الظاهر هو الأخير ، والشاهد عليه انتزاع الأمر من قولك «آمرك» المقترن بالطلب النفساني واقعاً.
فهل «الأمر» الذي هو عبارة عما ذكر يدل على الوجوب؟
فيه خلاف.
فقيل : إن مادّة الأمر حقيقة في الندب.
وقيل : إنها مشتركة بين الوجوب والندب ، والاشتراك معنوي.
وقيل : لمادّة الأمر ظهور وضعي في الوجوب.
وقيل : بل ظهور إطلاقي.
وقيل : دلالتها على الوجوب إنما هي بحكم العقل.
وقيل : بل بالسّيرة العقلائيّة.