الأمر ، فلا يمكن البعث نحو جميع وجودات الطبيعة ، وحينئذٍ ، فتحديده بمرتبةٍ دون اخرى يحتاج إلى بيانٍ ، وعدم البيان بالنسبة إلى مراتب المأمور به يكفي للقول بأنَّ المتعلَّق هو صرف وجود الطبيعة ، وأن الامتثال يتحقق بالإتيان بفردٍ منها.
أمّا النهي ، فالحال فيه على العكس تماماً ، لأنّ صرف الترك حاصل مع عدم النهي ، فصدور النهي لأجل صرف الترك تحصيلٌ للحاصل ، ثم تحديده بمرتبةٍ من مراتب النهي دون غيرها يحتاج إلى بيان كذلك ، فالإطلاق يقتضي إرادة جميع مراتب الترك.
المقدمة الثالثة : إن الأحكام الشرعيّة قضايا حقيقيّة ، فالحكم يتعدَّد على عدد المكلَّفين ، فقوله تعالى : (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (١) يتعدّد الحكم فيه على عدد المستطيع ... هذا بالنسبة إلى الحكم ، وهل الأمر بالنسبة إلى الموضوع كذلك ، بأنْ يتعدَّد الحكم إذا تعدّد الموضوع ، كأنْ يقال بتعدّد الحكم بالصّلاة بعدد الزوال ، في قوله : تجب الصلاة عند الزوال؟
الحق : أنه لا ظهور لقوله «يجب الصلاة عند زوال الشمس» في وجوب الصّلاة كلّما حصل الزوال ، فتكون واجبةً على عدد ما يتحقق من الزوال ، إذ لا دليل عقلي ولا وضعي على ذلك ، بل المرجع في مثله هو القرائن ، فإنْ كانت قرينة من مناسبة الحكم والموضوع أو شيء من القرائن الخارجية فهو ، وإلاّ فالكلام ساكت عن الوحدة والتعدد ...
فما في (المحاضرات) (٢) من دعوى الظهور العرفي في التعدّد في المثال
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٢٠٦.