هناك في الشريعة المقدّسة واجبات قام الدليل على كونها موسّعةً ، واخرى قام الدليل على كونها فوريّة ، ومن الفوريّة ما قام الدليل على سقوطه إنْ لم يمتثل ، فهو على سبيل وحدة المطلوب ، ومنه ما قام الدليل على عدم سقوطه بعدم الامتثال ، فالمطلوب فيه متعدّد ، وهذا على قسمين ، فتارةً : هو واجب فوراً ففوراً ، واخرى : لو فاتت الفوريّة انقلب إلى واجب موسّع.
لكنّ الكلام الآن في دلالة نفس الأمر على الفور أو التراخي ، فهل يدلّ على ذلك دلالة وضعيّة أو لا؟ وعلى الثاني هل من دليلٍ عامٍّ يدل أو لا؟ وعلى الأوّل هل هو عقلي أو نقلي؟
والحق : أنه لا دلالة للصّيغة على الفور ولا على التراخي ، تماماً كما تقدّم في مبحث الوحدة والتكرار ، لأنها مركّبة من المادّة والهيئة ، ولا دلالة لأحدهما على أحد الأمرين ... ولا نعيد ... فالدلالة الوضعية منتفية.
وقد حكي عن الشيخ الحائري اليزدي (١) القول بدلالة الهيئة دلالةً عقليةً على الفور ، ببيان : إن وزان الإرادة التشريعية وزان العلّة التكوينيّة ، والأمر علّة تشريعيّة لحصول المتعلَّق ، وكما أن التكوينية لا تنفك عن المعلول ، فالتشريعيّة كذلك ، ونتيجة عدم الانفكاك هو الفوريّة.
__________________
(١) كتاب الصّلاة ، قضاء الفوائت : ٥٧٣.