وذكر للحكم العقلي في المقام بيان آخر ، وهو : إن الأمر بعث ، والبعث والانبعاث متضايفان ، والمتضايفان متكافئان قوّةً وفعلاً ، فلا يعقل وجود البعث وعدم وجود الانبعاث ، فالفورية ثابتة.
وفيه :
إن هذا القانون إنما هو في المتضايفين التكوينيين ، لا الأمرين الحاصل بينهما التضايف بالاعتبار ، فما ذكر يتمّ بين الابوّة والبنوّة الواقعيين ، أمّا لو اعتبر شخص أباً لشخصٍ ، فهذه الابوّة الاعتبارية لا يجري فيها القانون المذكور.
هذا أوّلاً.
وثانياً : إن الأمر بعثٌ إمكاني وليس بعثاً فعليّاً ، فهو ما يمكن أن يكون باعثاً إذا تعلَّق العلم به وكانت النفس مستعدة ... وإذا كان إمكانيّاً ، فالانبعاث أيضاً إمكاني ، فلا فوريّة.
ثم إنّ مقتضى الإطلاق هو عدم الدلالة على الفور أو التراخي ، كما تقدَّم في الوحدة والتكرار تماماً ، فلا نعيد ... لكنْ لا بأس بالتنبيه على نكتةٍ وهي : إنّ هذا الإطلاق تام هنا ، سواء قلنا بحجيّة مثبتات الاصول اللّفظيّة أو لم نقل. وتوضيحه : إنّ اللّوازم العقليّة تارةً : تكون لوازم للحكم الواقعي فقط ، واخرى : تكون لوازم للحكم الواقعي والحكم الظّاهري معاً ، فإنْ كانت من الاولى ، فلا بدّ من إثبات حجيّة مثبتات الاصول اللّفظية وإلاّ لم يتم الإطلاق ، وإنْ كانت من الثانية ، فالإطلاق حجّة سواء كانت المثبتات للاصول اللّفظية حجّة أو لا.