وفيما نحن فيه : يكون جواز التأخير عقلاً في الإتيان بالمأمور به من لوازم الإطلاق ، سواء كان ظاهريّاً أو واقعيّاً ، ولذا لو تمّ الإطلاق بالأصل العملي لا بالدليل الاجتهادي كان ظاهرياً ولازمه عقلاً جواز التراخي ، فجواز التراخي ليس بلازمٍ للحكم الواقعي فقط ، فلا فرق بين القولين في مثبتات الاصول اللفظيّة من هذه الناحية.
فما جاء في (المحاضرات) (١) من ابتناء تماميّة الإطلاق على البحث المذكور غفلة عجيبة.
واستدلّ للقول بدلالة الأمر على الفور بآيتين من الكتاب :
١ ـ قوله تعالى (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ...) (٢).
٢ ـ قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ...) (٣).
بتقريب : إنّ المغفرة فعل الله ، فلا معنى لأن يسارعَ إليها ، فلا بدّ من تقديرٍ مثل كلمة «السبب» أي : سارعوا إلى سبب مغفرة الله ، كي يصحّ الأمر بالمسارعة إليه ، لأنه من فعلنا وتحت اختيارنا ، والإتيان بالواجبات من أظهر مصاديق أسباب المغفرة ، فالواجبات يجب المسارعة إليها ... فالفور واجب.
ودلالة الآية الثانية أوضح ، فإن القيام بالواجبات من أظهر مصاديق الخيرات ، فيجب السبق إلى الواجبات بإتيانها مع الفورية.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ / ٢١٣.
(٢) سورة آل عمران : ١٣٣.
(٣) سورة البقرة : ١٤٨.