ثمّ إنه إنْ كانت الواسطة في الإثبات من الأحكام العقليّة ، كانت المسألة عقليّة ، وإنْ كانت أمراً لفظيّاً ، فهي مسألة لفظيّة كما هو واضح ...
فبناءً على عنوان (الفصول) يكون البحث لفظيّاً ، لارتباطه بالدلالة اللّفظية ، لأن اقتضاء الأمر إمّا مطابقي وامّا تضمّني وامّا التزامي ، فالواسطة في الإثبات من الدليل اللّفظي ، وبناءً على عنوان الجماعة ، يكون البحث عقليّاً ، إذْ لا ارتباط لإتيان المأمور به بعالم الألفاظ.
وقد عدل القوم عن عنوان القدماء ، لعدم دلالة الأمر بالشّيء ـ وهو مدلول الكتاب والسنّة اللّذين هما الموضوع لعلم الاصول ـ على الإجزاء.
أمّا مطابقةً فواضح.
وأمّا تضمّناً ، فكذلك ، فلا دلالة للأمر ـ بأيّ معنىً كان ـ على الإجزاء ، لا مطابقةً ولا تضمّناً.
وأمّا التزاماً ، فقد تقرّب الدلالة بأنّ الأمر معلول للغرض القائم بالمأمور به ، فهو دالٌّ على الغرض ، فإذا تحقق المأمور به تحقّق الغرض ، وحينئذٍ يحكم بالإجزاء ، فكان الأمر الكاشف عن الغرض دالاًّ بالدلالة الالتزاميّة العقليّة على سقوط الغرض عند إتيان المأمور به ، وبسقوط الغرض يتحقق الإجزاء.
هذا ، ولا يعتبر في الدلالة الالتزامية أن يكون لزوم اللازم بلا واسطة ، بل يكفي أن يكون لازماً ولو بواسطة أو أكثر.
لكنْ فيه : إن هذا التقريب موقوف على إثبات كون الأمر معلولاً للغرض ، وهذا فيه كلام ، وقد أنكره جماعة ، وإذا كان ذلك محتاجاً إلى الإثبات ، خرج اللّزوم عن اللزوم البيّن بالمعنى الأخص ، وحينئذٍ يحتاج إلى