وكيف كان ، فالذي في (الكفاية) : الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء في الجملة بلا شبهة.
فما المراد من «على وجهه»؟ ومن «الاقتضاء»؟ ومن «الإجزاء»؟
أمّا قيد «على وجهه» ففيه وجوه ، أحدها : قصد الوجوب في الواجبات والاستحباب في المستحبات. والثاني : الإتيان بالمأمور به بالكيفيّة التي تعلّق الأمر بها. والثالث : الإتيان به على الوجه المعتبر فيه عقلاً.
وقد ذهب المحقق الخراساني ومن تبعه ـ كالمحقق العراقي ـ إلى المعنى الثالث ، لأنّ اعتبار قيدٍ في المأمور به تارةً يكون من ناحية الشّرع ، بأنْ يأخذ شيئاً فيه على نحو الشرطيّة أو الجزئيّة ، ولإفادة هذا المعنى يكفي عنوان «المأمور به» ، لأنّه إنْ فقد قيداً أو شرطاً خرج عن كونه مأموراً به ، لكنّ هناك قيوداً ليس أخذها من ناحية الشارع ، مثل قصد القربة ، فإن اعتباره في العبادات من ناحية الشارع مستحيل ـ على القول باستحالة أخذه في متعلَّق الأمر ، كما تقدم بالتفصيل ـ لكنْ لا بدّ من أخذه واعتباره ، لعدم تحقق غرض المولى من التكليف العبادي بدونه ، فكان المعتبر له هو العقل.
فهذا هو المراد من «على وجهه» ، وليس قيداً توضيحيّاً كما قيل ، على أن الأصل في القيود هو الاحترازية.
وتلخَّص : إن مختار (الكفاية) هو أنّ القيود المعتبرة في المأمور به يكفي في اعتبار الشرعيّة منها كلمة «المأمور به» ، فلزم مجيء قيدٍ آخر لإفادة اعتبار القيود العقليّة أيضاً ، وهو كلمة «على وجهه».