الثاني ، كما أن الإجزاء هو الاكتفاء بالوجود الأوّل ، وإيجاد الوجود الثاني والفرد الآخر ليس بإيجاد ما تحقّق وحصل وجوده.
بل الصحيح أنْ يقال : إنه عند ما يتعلَّق الأمر بشيء ويؤتى بذلك الشيء امتثالاً للأمر بجميع حدود الشيء وقيوده ، فبقاء الأمر بعد ذلك يستلزم وجود المعلول بلا علّة ، إذ الأمر معلول للغرض ، ولا يعقل عدم تحقّقه مع الإتيان بالمأمور به بجميع حدوده وقيوده ، ومع تحقق الغرض من الأمر لا بقاء للأمر ، وإلاّ كان معلولاً بلا علّة ... وهذا ما ذكره المحققان المذكوران ، على مسلك المتأخرين من جعل المسألة عقليةً كما تقدّم.
أمّا على مسلك القدماء وصاحب (الفصول) ، فإن الأمر نفسه يدلّ على الإجزاء ، بالدلالة اللّفظيّة اللزوميّة ، بناءً على عموم الدلالة الالتزاميّة اللّفظية للّزوم البيّن بالمعنى الأخص وبالمعنى الأعم معاً ، كما هو التحقيق (١).
الكلام في الامتثال بعد الامتثال وتبديل الامتثال
وعلى كلّ تقديرٍ ، فإن الامتثال حاصل والأمر يسقط.
ولكن هل يمكن الامتثال بعد الامتثال؟ وهل يمكن تبديل الامتثال؟ هذا ما تعرَّض له المحققون ، بالنظر إلى الروايات الواردة في أكثر من موردٍ ، الظاهرة في الامتثال بعد الامتثال ، كالإتيان بالصّلاة جماعةً بعد الإتيان بها مفرداً.
فمنهم من يصوّر المطلب ـ في مقام الثبوت ـ عن طريق تصوير الغرض
__________________
(١) قد أوضح الاستاذ هذا المطلب في مقدمةٍ للبحث في هذه المسألة ، في الدورة السابقة.