فالحق هو التوقّف ، والقول بالاحتياط الوجوبي في رواياته في الأحكام الشرعيّة.
وأمّا دلالة رواية أبي بصير ـ بعد أنْ ظهر عدم دلالة غيرها على الامتثال بعد الامتثال ـ فقد ذكر المحقّق الأصفهاني في (الاصول على النهج الحديث) (١) أنها محمولة على الصّلاة تقيّةً ، لأن موضوعها الصّلاة في المسجد جماعة ، والمساجد كانت في ذلك الزمان كلّها بيد العامّة وأئمتها منهم ، فكان المراد من «يختار الله أحبّهما» هو الصّلاة الاولى التي أتى بها منفرداً ، إذ الثانية التي أتى بها تقيةً ليست بصلاةٍ ، وقد يمكن كونها محبوبةً لجهةٍ من الجهات.
وأشكل عليه الاستاذ :
أوّلاً : بأنّ في الروايات ما يدلّ على كون الإمام في بعض المساجد من أصحابنا.
وثانياً : بأن مقتضى بعض الروايات الآمرة بالصّلاة مع القوم أحبّيّتها من التي صلاّها منفرداً.
إلاّ أنه دام بقاه ذكر أنّ الرواية لا تدلّ على مسلك العراقي ، لأنه ذهب إلى لغويّة الصّلاة الثانية ، والحال أنّ ظاهر لفظ «الأحب» كون التي اختارها أحبّ من الاخرى ، فتلك أيضاً محبوبة.
نعم ، هناك وجه آخر لِما ذكره ، وهو أنّ في أخبار الصّلاة معهم ما هو نصٌّ في أنّ الصّلاة معهم كالصّلاة خلف الجدار (٢) ، وهي تصلح لأنْ تكون
__________________
(١) الاصول على النهج الحديث (بحوثٌ في الاصول) ١١٣.
(٢) وسائل الشيعة ٨ / ٣٠٩ الباب ١٠ من أبواب صلاة الجماعة.