قابلة للتحصيل بالعمل ثانياً ، فإنه يأتي به من أجل استيفائها ، وأمّا إذا كانت المصلحة لزوميّة ويمكن استيفاؤها بالعمل عن اختيارٍ ، فقد قال في (الكفاية) بالتخيير بين الإتيان بالعمل الاضطراري في أوّل الوقت ، وبالاختياري المستوفي للمصلحة في آخره ، أو ينتظر إلى آخر الوقت فيأتي بالاختياري فقط.
وفي هذا المقام وجوه من الإشكال ، إمّا على أصل الإجزاء في المسألة ، وامّا على كلام الكفاية.
فقد أورد في (المحاضرات) (١) على المحقق الخراساني ـ في القسم الأخير من كلامه ، حيث قال بالتخيير ـ باستحالة التخيير الذي ذكره ، لأنه من صغريات التخيير بين الأقل والأكثر ، وهو محال ، لأن غرض المولى يتحقّق بالإتيان بالأقل ، الذي هو أحد العِدلين ، فيكون الإتيان بالأكثر ـ وهو العدل الآخر ـ معه بلا ملاك. هذا من جهة ، ومن جهةٍ أخرى : إنه يلزم أن يكون وجوب العمل الاضطراري الواقع في أوّل الوقت دائراً مدار الإتيان به ـ بمعنى أنه لو اتي به فهو واجب وإلاّ فليس بواجب ـ وهذا محال ، لأن الوجوب إنّما يتحقّق بالداعي إلى الإتيان ، فلا يعقل تقيّده بالإتيان.
والحاصل : إن ما ذكره من صغريات التخيير بين الأقل والأكثر ، وهو محال ، للوجهين المذكورين.
وأجاب شيخنا : أوّلاً : بأن هذا الإشكال مبنائي ، لأن صاحب (الكفاية)
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٢٣٢.