بالإتيان بالاختيارية في آخره ، أمّا لو انتظر حتى آخره بدون سبق الاضطرارية وأتى بالاختياريّة ، فقد استوفى الغرض كاملاً ، فلا لغويّة أبداً.
وأمّا الإشكال على أصل الإجزاء في هذه المسألة ، فالأصل فيه هو المحقق الحلّي ، والفقيه الهمداني في بعض كلماته ، وإليه ذهب السيد البروجردي فقال ما حاصله (١) :
إنّ الأحكام الشرعيّة الاختيارية موضوعها هو المكلَّف المختار ، والأحكام الشرعية الاضطراريّة موضوعها هو المكلَّف المضطرّ ، فوظيفة المضطرّ هو العمل الاضطراري فقط ، وهو غير مكلَّف بتكليفين ، كي يقال هل عمله الاضطراري يجزي عن امتثال الأمر الاختياري أو لا يجزي؟
فمن كان متمكّناً من الصّلاة مع الطهارة المائيّة ، فالخطاب من الأوّل متوجّه إليه بالصّلاة كذلك ، ومن كان عاجزاً عن ذلك ، فالخطاب من الأوّل متوجّه إليه بالإتيان بها مع الطهارة الترابيّة ، ويشهد بذلك التقسيم في قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً) وهو قاطع للشركة.
وعليه ، فالصّلاة الاضطرارية ـ مثلاً ـ ليست بدلاً عن الاختيارية ـ خلافاً للمشهور ـ وإليه أشار الفقيه الهمداني في مسألة قراءة غير المتمكّن من القراءة الصحيحة كالأخرس (٢) ، كما أنّ القدرة شرط لأصل التكليف ، لا لفعليّته ، لأنّ العاجز غير مكلَّف عقلاً وشرعاً ، أمّا عقلاً ، فلأنّ جعل الداعي لغير المتمكن من الامتثال لغو ، وأمّا شرعاً ، فلحديث الرفع ، وهو رفع واقعي لا ظاهري.
__________________
(١) نهاية الأصول : ١١٥ ، الحجة في الفقه : ١٤٢.
(٢) مصباح الفقيه كتاب الصّلاة : ٢٧٨ ط حجري.