وقد أوضح المحقّق الأصفهاني (١) هذا الإطلاق ، وقرّره الاستاذ دام ظلّه بأنّه :
أوّلاً : إطلاقٌ في مقابل «الواو» لا «أو» ، لأنّه لو كان الواجب هو الإتيان بالصّلاة مع الطهارة المائيّة بالإضافة إليها مع الطّهارة الترابيّة لقال مثلاً : صلّ مع الطهارة الترابية. واخرى مع الطهارة المائيّة إن ارتفع العذر ، فلمّا قال : افعل هذا العمل الاضطراري بلا ضمّ الاختياري إليه ، كان الكلام مطلقاً يدل على إجزاء الاضطراري عن الاختياري ، فلا تجب الإعادة والقضاء.
وثانياً : هذا الإطلاق مقامي لا لفظي ، وذلك : لأن الإطلاق يقابله التقييد تقابل العدم والملكة ـ كما تقدّم في التعبّدي والتوصّلي ـ وإذا استحال التقييد استحال الإطلاق ، لكنّ التقييد هنا محال أو غير صحيح.
إن المدّعى هو إطلاق (فَتَيَمَّمُواْ) ، فإنْ اريد تقييد هيئة اللّفظ وأعني «الوجوب» ، بأنْ يكون وجوب التيمّم مشروطاً بالإتيان بالوضوء في آخر الوقت ، فهذا غير ممكن ، لأنّ التيمّم بدل عن الوضوء ، فكيف يتقيّد وجوب البدل بإتيان المبدل منه؟ فإنه مع تحصيل المبدل للمصلحة لا يعقل الأمر بالبدل ... وإذا استحال تقييد الهيئة استحال الإطلاق. وإنْ اريد تقييد المادّة وهو «الواجب» ، بأنْ يكون نفس الواجب ـ أعني التيمّم ـ مشروطاً بالإتيان بالوضوء ، كما أن الصّلاة مشروطة بالطهارة ، فهذا التقييد ممكن ولكنه غير صحيح ، لأن معنى ذلك بطلان الصّلاة مع التيمّم ، والمفروض صحّتها في أول الوقت ، غير أنها غير مستوفية لتمام الغرض ... وإذا بطل التقييد بطل الإطلاق.
__________________
(١) الاصول على النهج الحديث : (بحوث في علم الأصول) : ١١٦.