فظهر أن هذا الإطلاق ليس بلفظي ، بل هو مقامي ، ببيان أن المولى في مقام البيان لتمام غرضه ، ومع ذلك قد اكتفى بالصّلاة مع التيمّم ، وأوجبها على المكلَّف سواء تمكّن من الوضوء فيما بعد أو لا ، فيكشف ذلك عن حصول غرضه بالعمل الاضطراري ، وهذا هو الإجزاء.
أقول :
ذكر الاستاذ في الدورة السابقة : إمكان التقييد في هيئة (فَتَيَمَّمُواْ) ببيان أن القيد ليس هو الإتيان بالمبدل عنه ليكون محالاً ، بل هو إمكان الإتيان به ، والمفروض هو الإمكان ، إذ لا مانع من القول : إن كنت متمكّناً من الصّلاة بالطهارة المائيّة في آخر الوقت فعليك بها مع الطهارة الترابيّة في أوّله ، وإذا أمكن هذا ، كان الإطلاق هو الإتيان بها مع الترابية سواء أمكن الإتيان بها مع الوضوء أو لا؟
ولا يخفى أن الثمرة مع الإطلاق اللّفظي جواز التمسّك بأصالة البيان عند الشك في التقييد ، أمّا الإطلاق المقامي فلا يجري معه الأصل المذكور ، بل يتوقّف ثبوته على إحراز كون المولى في مقام البيان.
وقد أورد على التمسّك بالإطلاق في الآية والرواية المذكورتين بأنه : مع القدرة على الطهارة المائيّة ـ ولو في طول الطهارة الترابية ـ ينتفي الموضوع في الآية والرواية ، إذْ لا ريب في أن المكلَّف به هو طبيعة الصّلاة المقيّدة بالطهارة المائيّة ، وبمجرّد التمكّن من فردٍ ما منها ـ سواءً كان فرداً عرضيّاً أو طوليّاً ـ يتبدّل عنوان عدم الوجدان إلى الوجدان ، فلا تيمّم ، فلا إجزاء.
إذنْ ، لا بد من دليلٍ خاصٍّ يدلّ على جواز البدار إلى الصّلاة في أوّل