أمّا على الفرض الأوّل : فالطهارة المائيّة دخيلة في شدّة المصلحة ، فالصّلاة في الوقت مع الترابية ذات مصلحة ، ولذا امر بها ، لكنَّ مع فوت المرتبة الشديدة من المصلحة في الوقت ، يؤمر بالقضاء في خارجه ، استيفاءً لتلك المرتبة الفائتة من المصلحة.
وأمّا على الفرض الثاني ، فالطهارة المائيّة محصِّلة لمصلحةٍ ملزمةٍ قائمةٍ بالصّلاة مع الطهارة المائية ، ففي الوقت يأتي الأمر بالصّلاة مع الترابية لدرك مصلحتها ، لكنّ المصلحة الاخرى الفائتة تستوجب الأمر بالصّلاة مع المائية في خارج الوقت قضاءً ، تحصيلاً للمصلحة القائمة بها.
فما ذكره الميرزا من عدم دخل المائيّة في المصلحة إلاّ في حال التمكّن غير صحيح ، بل أمكن تصوير دخلها بالصورتين المذكورتين أيضاً.
وقد أجاب الاستاذ : بأنَّ الصّورة الاولى ، وهي فرض دخل المائية في مرتبة المصلحة والغرض ، مذكورة في كلام الميرزا ، كما قرّرناه ، وأمّا الصورة الثانية ، فمن الناحية الثبوتية لا مانع منها ، إلاّ أن كلامنا في الصّلاة مع التيمم ، والصّلاة مع الوضوء ، وكيف يتصوّر لكلٍّ منها مصلحة مباينة لمصلحة الاخرى؟ إن المصلحة والغرض من الصّلاة أنها «قربان كلّ تقي» (١) و(إِنَ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) (٢) و«معراج المؤمن» (٣) ونحو ذلك ... وهذه ليست بحيث تتحقق مع الصّلاة بالمائية ولا تحقق معها بالترابيّة ، بل كلّ واحدٍ منهما معراج وقربان وتنهى عن الفحشاء والمنكر ... ولو كان فرقٌ فهو من
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ / ٤٣ الباب ١٢ من أبواب استحباب ابتداء النوافل.
(٢) سورة العنكبوت : ٤٥.
(٣) على ما في بعض الكتب.