الكوفة ، فسقطت كلّها ، ثم دخلت عليه فأخبرته بذلك ، فقال : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (١).
فمن الواضح : أن شراء الإبل لم يكن بحرامٍ ، ولكنّ الإمام نهاه ، فخالف الرجل النهي ، ثم ابتلي بذهاب ماله ، وهنا قرأ الإمام الآية المباركة مستشهداً بها ، ليدلّ على ترتّب الفتنة ـ أي البليّة الدنيوية ـ على المخالفة مع الإمام المعصوم في مورد غير الوجوب والحرمة ، كما أنّ العذاب الأليم الأُخروي يترتب على مخالفة الوجوب والحرمة.
وبذلك يظهر سقوط الاستدلال بالآية للقول بدلالة الأمر على الوجوب.
وبعد وضوح عدم تماميّة القول بالدلالة اللّفظيّة على الوجوب ، فهل تدلّ المادّة ـ وكذا الصيغة ـ على الوجوب بالدلالة الإطلاقيّة؟
إنّ أحسن ما استدلّ به لهذا القول تقريبان :
أحدهما : للمحقّق العراقي قدسسره ، فقال ما حاصله (٢) : إنّ الأمر موضوع للطلب ، والطلب حقيقة تشكيكيّة ، ذات شدّةٍ وضعف ، والأمر التشكيكي مرتبته الشديدة الكاملة ليس إلاّ الحقيقة ، فهي بسيطة لا مركّبة ، أمّا مرتبته الضعيفة الناقصة فمركّبة من الحقيقة ومن عدم المرتبة التامّة الكاملة. هذا في مقام الثبوت ، وبناءً عليه ، فإنّه في مقام الإثبات ، إذا أراد المرتبة الناقصة وهو الندب ـ لزم بيان زائدٌ يدلّ على ذلك ـ بخلاف المرتبة التامّة الكاملة وهو الوجوب ، فلكونها نفس الحقيقة فقط فلا يحتاج إرادتها إلى مئونةٍ
__________________
(١) الكافي ٦ / ٥٤٣ ، كتاب الدواجن باب اتخاذ الابل. وانظر : كنز الدقائق ٨ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩ والآية في سورة النور : ٦٣.
(٢) نهاية الأفكار ١ / ١٦٢ ـ ١٦٣.