على أساسها ، وما ذكره المحقق العراقي قدسسره من الضابط ـ وهو كون المرتبة العليا الشديدة غير محتاجة إلى البيان الزائد ، وأنّ المرتبة الدانية والضعيفة هي المحتاجة إليه ، فمتى لم يكن بيانٌ حمل على العليا ـ أمر لا يدركه العرف العام ولا يفهمه ، ولذا لا يمكن للشارع أنْ يحتجّ على المكلَّفين على أساسها في أوامره في الكتاب والسنّة ...
وثانيهما : للسيد البروجردي قدسسره فقال (١) : إن مدلول مادّة الأمر ـ وكذا صيغته ـ والمعنى المستعمل فيه ، إنشائي وليس بإخباري ، فلمّا يقول : أمرتك بكذا ، أو يقول : صلّ ، فهو ينشئ ويُوجد الطلب بذلك في عالم الاعتبار.
وهذا الطلب الإنشائي غير قابلٍ للتشكيك ، لكونه اعتباريّاً ، والأمور الاعتبارية بسيطة لا حركة فيها ، إذ التشكيك إنما يكون في الامور التي فيها الشدّة والضعف وتجري فيها الحركة ، إلاّ أن الطلب الإنشائي يقع فيه التشكيك بالعرض ـ أي من خارج ذاته ـ ، لأن الطلب كذلك ينقسم إلى ثلاثة أقسام ، فهو طلب إنشائي مع مقارنات شديدة ، وطلب إنشائي مع مقارنات ضعيفة ، وطلب إنشائي بلا مقارنات مطلقاً ، فالأول : كأنْ يطلب منه المشي ويدفعه بيده ، أو يطلب منه الضرب ويصح عليه ، والثاني : كأنْ يطلب منه الكتابة ويومي إليه بيده ، والثالث : أن يطلب منه أحد الأفعال مجرَّد طلب ... فيكون الأول كاشفاً عن شدّة الطلب وقوة الإرادة النفسانية ، والثاني : كاشفاً عن الطلب النفساني الضعيف ، والثالث بلا شدّةٍ ولا ضعف ... إذنْ ، قد يتّصف الطلب الإنشائي بالشدّة والضعف لكن من خارج ذاته.
__________________
(١) نهاية الأصول : ٨٦.