باب الطريقية أو السببيّة ، فما هو مقتضى القاعدة بالنسبة إلى الإجزاء؟
قال المحقق الخراساني (١) ما حاصله : وجوب الإعادة إذا انكشف الخلاف في الوقت ، لأنه قد أتى بالعمل مع الشك بين الطريقيّة والسّببيّة ، فيشك في وقوع الامتثال وتحقّقه ، ومقتضى قاعدة الاشتغال وجوب الإعادة.
أمّا القضاء ، فبما أنه بأمرٍ جديدٍ ، وهو معلَّق على صدق عنوان «الفوت» لكونه مأخوذاً في موضوعه ، وصدقه غير محرزٍ هنا ، فلا يجب ... ولا يتم صدق العنوان باستصحاب عدم الإتيان بالواجب ، لأنه أصل مثبت.
وأورد عليه في (المحاضرات) (٢) في التمسّك بقاعدة الاشتغال لوجوب الإعادة إن انكشف الخلاف في الوقت ، بأنّ المقام مجرى البراءة لا الاشتغال. وحاصل كلامه : إن مقتضى القاعدة على القول بالسببيّة هو الإجزاء ، إذ معنى هذا القول كون الواقع هو مؤدّى الأمارة ، ومقتضى القول بالطريقيّة هو عدم الإجزاء ، ومعناه أن الواقع مغاير لمؤدّى الأمارة ، فلو أتى بالعمل مع دوران الأمر ، وانكشف كونه على خلاف الواقع ، لم تكن ذمّته مشغولةً يقيناً قبل العمل بالواقع حتى يقال بأن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، ومع الشك في اشتغال الذمّة تجري البراءة.
(قال) وبكلمةٍ أخرى : لقد أوجد الشكّ بين الطريقيّة والسببيّة علماً إجماليّاً بوجود تكليفٍ مردّدٍ بين تعلّقه فعلاً بالعمل بالمأتي به وبين تعلّقه بالواقع الذي لم يؤت به ، إلاّ أنه لا أثر لهذا العلم الإجمالي ، ولا يوجب
__________________
(١) كفاية الأصول : ٨٧.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٢٧٨.