الاحتياط ، لأن هذا العلم قد تحقّق بعد الصّلاة في ثوبٍ حكم بطهارته بالبيّنة ، فبعد الإتيان بها وانكشاف الخلاف بالأمارة مثلاً حصل العلم باشتغال الذمّة ، إمّا بما قامت عليه البيّنة وهو الطهارة ، وامّا بما دلّت عليه الأمارة فعلاً وهو النجاسة ، لكنّ هذا العلم بالنسبة إلى مقتضى البيّنة غير مؤثر ، وتبقى الأمارة ، لكنّه بالنّسبة إلى مقتضاها شك بدوي ، فتجري البراءة ، لأن المورد صغرى لما تقرّر من أن أحد طرفي العلم الاجمالي أو أطرافه إذا كان فاقداً للأثر فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر ، كما لو علم بوجوب صوم يوم الخميس عليه فصام ، ثم يوم الجمعة شك في أنه هل كان الواجب عليه صوم الخميس أو هذا اليوم ـ الجمعة ـ ، فإن العلم الإجمالي حينئذٍ غير مؤثر ليوم الخميس ، لفرض أنه قد أتى بالصوم فيه ، فلا مانع من الرجوع إلى البراءة بالنسبة إلى الجمعة.
قال الاستاذ : إن تقريب المحقق الأصفهاني مبنى (الكفاية) في (الاصول على النهج الحديث) بأنّه من «حيث علم عدم موافقة المأتي به للمأمور به واقعاً ، ويشك في كونه محصّلاً لغرضه من حيث كونه ذا مصلحة بدليّة» (١).
فيه : إنه مع الشكّ بين السببيّة والطريقية لا يعلم بعدم الموافقة ، بل يحتمل الموافقة ، فلا تكون النتيجة وجوب الإعادة.
أقول :
كأن المحقق ينظر إلى حال بعد الانكشاف ، فالمكلَّف عالم بعدم الموافقة ، والأستاذ ينظر إلى حال قبله فهو شاك. فتدبّر.
__________________
(١) الأصول على النهج الحديث : ١٢٩ (بحوث في علم الأصول).