وتنظّر الاستاذ في الأمرين المذكورين :
أمّا الأول ، فذكر أنّه مبنيّ على الرجوع من الأعلم الميّت إلى غير الأعلم الحي ، لكنّ المبنى غير صحيح ، لأنه مع اختلاف الميّت مع الحي في الفتوى تسقط الأدلة اللّفظيّة عن الشمول لهما ، لفرض التعارض بينهما ، لأنها إن شملت أحدهما المعيَّن دون الآخر لزم الترجيح بلا مرجح ، واللامعيّن لا مصداق له ، وشمولها لهما معاً غير معقول ، وإذا سقطت تصل النوبة إلى الدليل غير اللّفظي وهو هنا السيرة العقلائية ، فإنها قائمة على تقليد الأعلم ، والقدر المتيقّن خروج تقليد الميّت ابتداءً بالإجماع ، ويبقى الاستمراري ، إذن ... إذا كان الميت أعلم فلا يجوز الرجوع إلى الحيّ حتى يقال بأنّ الحجيّة تبدأ من الآن.
وأمّا الثاني ، فذكر أن الحق مع الشيخ ، وهو الطريقيّة ، فقول المجتهد حجّة من باب الطّريقية إلى الواقع لا من باب التنزيل والنيابة.
أمّا بناءً على أنّ دليل التقليد هو السيرة ، فواضح ، لأن العقلاء لا يرون في رأي أهل الخبرة في كلّ علم وفنٍّ إلاّ الطّريقية ، ويجعلون الرأي كاشفاً عن الواقع. وأمّا إنْ كان الدليل هو الأدلّة اللفظيّة من الكتاب والأخبار ، فلا آية النفر تدلّ على النيابة والتنزيل ، ولا مثل ما ورد في «عبد العزيز ابن المهتدي» و«يونس بن عبد الرحمن» و«زكريا بن آدم» ونحوهم الذين وردت الأخبار في الرجوع إليهم لأخذ معالم الدين ... فإنّها جميعاً دليل على الطريقية ، وأمّا التنزيل فلا دليل عليه فيها.
وعلى هذا ، يكون الحقّ عدم تماميّة التفصيل المذكور ، بل هو عدم الإجزاء مطلقاً.