قبل الخوض في البحث تذكر أُمور :
إنه لا اختصاص للبحث بالواجب ، بل هو أعمّ من مقدّمة الواجب والحرام والمستحب والمكروه.
المراد من الوجوب هنا هو : الوجوب الشرعي الغيري ، فهل يوجد وجوب شرعي متعلّق بالمقدّمة بالإضافة إلى وجوب ذي المقدّمة أو لا؟ إذن :
ليس المراد : اللاّبدية العقليّة للمقدّمة ، فإنها مسلّمة عند الكلّ.
وليس المراد : الوجوب الإرشادي ، لأنه إرشاد إلى حكم العقل وإخبارٌ عنه ، وإن كان في الصورة بعثاً مولويّاً ، كقوله تعالى : (وأَطِيعُواْ اللهَ) (١).
وليس المراد : هو الوجوب الشرعي الطريقي ، أي الوجوب الذي يجعله الشارع لتنجيز الواقع ، كالاحتياط ، لأنّ وجوب المقدّمة ليس من هذا القبيل.
وليس وجوب المقدمة وجوباً نفسيّاً ، لأن الوجوب النفسي ينشأ من الملاك ، ووجوب المقدّمة لا ينشأ من ملاكٍ وغرض في نفس المقدّمة ، بل من الغرض في ذي المقدّمة.
وتلخّص : إن وجوب المقدّمة وجوب غيري تبعي ، بمعنى أن هناك
__________________
(١) سورة المائدة : ٩٢.