هذا في مرحلة الذات.
أمّا في مرحلة الوجود ، فإنّ «الجزء» يمكن أن يتحقّق ويوجد ، ولكن «الكلّ» لا يتحقّق إلاّ و«الجزء» متحقّق ، فلا يلزم عدم الجزء لو فرض عدم الأجزاء الاخرى ، لكنّ الكلّ ينعدم بانعدام أحد أجزائه ... فالجزء مستغن عن الكلّ بمناط التقدّم والتأخّر الطبعي ، إلاّ أنه لا ينافي وحدة المرتبة في مرحلة الوجود ، ولذا قالوا : التقدّم والتأخّر طبعاً لا ينافي المعيّة وجوداً.
هذا تمام الكلام في المطلب الأوّل.
المطلب الثاني : بعد ثبوت المقدميّة للأجزاء الداخليّة ، فهل يوجد فيها اقتضاء الحكم بالوجوب الغيري أو لا؟
إن كان الملاك للوجوب الغيري أنْ يكون للشيء الواجب وجود مستقل ، فهذا الملاك غير موجود فيما نحن فيه ، لأن الأجزاء ليس لها وجود مستقلّ عن الكلّ ، بل هي موجودة بعين وجوده ، وإن كان ملاكه هو التوقّف ، فلا ريب في وجوده في الأجزاء ، لتوقّف الكلّ على وجودها.
إذن ، لا بدّ من التحقيق في ملاك الوجوب الغيري.
هذا ، وفي (المحاضرات) (١) نفي وجود المقتضي والملاك للوجوب ، للزوم اللّغوية ، لأن المفروض وجوب الكلّ ، فوجوب الأجزاء مع ذلك لغو ، إلاّ أن يقال بالاندكاك بين الوجوبين ليتحقق وجوب مؤكّد.
وفيه : إنه خلط بين مرحلة المطلب الثاني ـ المقتضي ـ ومرحلة المانع ، وهو :
المطلب الثالث : فإنّه إذا كانت الأجزاء واجبةً بالوجوب الغيري ، فإن
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ / ٢٩٩.