المفروض وجوب الكلّ بالوجوب النفسي ، وهو ليس إلاّ الأجزاء ، فاجتمع في الأجزاء وجوبان ، وهو محال ، لأنه إمّا لغوٌ وامّا اجتماعٌ للمثلين.
فمع تسليم وجود المقتضي لاتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، فإنه ممنوع ، والمانع هو الإشكال المذكور.
وقد وقع النزاع بين الأكابر في هذا المقام ، إذ قرّر صاحب (الكفاية) (١) الإشكال بما توضيحه : إنّ المحكوم بحكم الوجوب هو واقع المقدّمة لا عنوانها ، وعنوان المقدّمة حيثيّة تعليليّة للوجوب وليس بحيثيّة تقييديّة ، لأنّ متعلَّق الوجوب في الوضوء ـ مثلاً ـ هو واقع الوضوء لا عنوان المقدّمة ، وفي أجزاء الصّلاة يكون واقع الرّكوع والسّجود وغيرهما متعلّق الوجوب لا عنوان مقدميّتها للصّلاة ، وإذا كان الواقع ، فإنّ الركوع والسّجود وغيرهما هي الصّلاة ، ولا مغايرة بين واقع الصّلاة وواقع هذه الأجزاء ، بل هي عين الكلّ المسمّى بالصّلاة ، ولا اختلاف بين الصّلاة وأجزائها إلاّ اعتباراً ، فلو كانت الأجزاء متصفةً بالوجوب الغيري ووجوب الصّلاة نفسي ، كانت الأجزاء محكومة بحكمين وجوبيّين ، وكانت ذات فردين من الوجوب ، وبذلك يلزم اجتماع المثلين في الشيء الواحد وهو محال.
وبما تقدَّم من كون الحيثيّة تعليليّة لا تقييديّة ، يندفع توهّم كون ما نحن فيه نظير باب اجتماع الأمر والنهي ، وكون الشيء الواحد واجباً من حيث ومحرّماً من حيث آخر ، كالصّلاة في الدار المغصوبة ، فيقال هنا كذلك ، بأن الركوع ـ مثلاً ـ واجب نفسي من حيث كونه صلاة وغيري من حيث كونه مقدّمة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩٠.