وجه الاندفاع هو : إن المقدّميّة فيما نحن فيه علّة للوجوب ، وليست بموضوعٍ للوجوب.
وبهذا البيان يتحقق المانع عن وجوب المقدّمة الداخليّة.
وذكر المحقق النائيني (١) : أنّ الوجوب النفسي غير الوجوب الغيري ، كما هو واضح ، والتغاير بينهما لا ينكر ، لكنْ لا نسلّم لزوم اجتماع المثلين ، وذلك : لتعدّد الملاك ، ثم اندكاك أحدهما في الآخر.
وتوضيحه : إن كلاًّ من أجزاء الصّلاة يتوفَّر فيه ملاكان للوجوب ، أحدهما : ملاك الناهويّة عن الفحشاء والمنكر ، وهذا ملاك وجوب الصّلاة بالوجوب النفسي ، والآخر : ملاك المقدميّة لتحقّق الصّلاة ، وهذا ملاك الوجوب الغيري ، لأنّ تحقّق الصّلاة موقوف على تحقّق الركوع والسجود وغيرهما ، فتكون الأجزاء مطلوبةً بالطلب النفسي وبالطلب الغيري ، ويكون الملاكان منشأً لتحقّق وجوبٍ أكيد بعد اندكاك أحدهما في الآخر ، ولا مانع من اتصاف الوجوب بالشدّة والتأكد.
ونظيره في الفقه : وجوب صلاة الظهر ومطلوبيّتها بملاكين هما : فريضة الظهر ووجوبها نفساً بملاكه ، وأنّه لو لم يصلّ الظهر فصلاة العصر باطلة ، وهذان الملاكان يندك أحدهما في الآخر ، وتكون النتيجة شدّة مطلوبيّة صلاة الظهر.
وكذلك الحال في موارد تعدّد العنوان ووحدة المعنون ، كالعلم والهاشميّة في وجوب الإكرام ، عند ما يجتمع العنوانان في الشخص الواحد ، إذ
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٣١٧.