الحاكم وبالنظر الذي تُرى خارجيّةً ، وعليه : فإنّ الصور متباينات ويستحيل الوحدة بين صورةٍ وأخرى ، وإذا تعدّدت الصّورة فيما نحن فيه ، كانت صورة السجود والركوع وغيرهما من الأجزاء ، غير صورة الكلّ المحقق منها وهو الصّلاة ، ومع التعدّد ، فلا اجتماع للمثلين حتى يبحث عن الاندكاك.
فأجاب : بأنّ هذا التعدّد غير مؤثّر ، لأنه إنما يحصل في مرحلة تعلّق الحكم ، لكنّ ذا الصورة ـ وهو المطابَق الخارجي ـ واحد لا تعدّد فيه.
وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ اجتماع المثلين لازم ، والاندكاك محال.
فناقشه المحقق الأصفهاني (١) ـ وتبعه في (المحاضرات) (٢) ـ بأنّه صحيحٌ أنهما في مرتبتين ، لكنْ بينهما معيّة في الوجود ، وبهذا يتمّ الاندكاك ، لأنه في ظرف الوجود لا في المرتبة.
وحاصل كلام المحاضرات : إن الاندكاك بين الحكمين إنّما لا يتصوّر فيما إذا كانا مختلفين زماناً ، وأمّا إذا كانا مقارنين ، فلا مناص من الاندكاك ولا مانعيّة لاختلاف المرتبة ، كما لو كان بياض شيء علةً لبياضٍ آخر ، فهنا لا يقع على الجدار بياضان بل بياض واحد شديد. هذا في التكوينيّات. وفي الشرعيّات كذلك ، كما لو نذر الصّلاة في المسجد ، فإنه لا ريب في اندكاك الوجوب النذري في الوجوب أو الاستحباب النفسي ، مع أنّ ملاك النذر ـ وهو رجحان المتعلّق ـ متأخّر رتبةً عن ملاك الحكم النفسي ، إلاّ أنهما في عرض واحدٍ في الزمان.
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٢٤.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٣٠٠.