فما ذكره طريقاً لبطلان الاندكاك مردود.
إنه لا يعقل الإهمال في متعلَّق البعث بل لا بدَّ من تعيّنه بالضرورة ، وحينئذٍ ، فلا يخلو أن يتعلَّق البعث الأكيد الحاصل من الاندكاك ، إمّا بالأجزاء ، يعني بكلّ واحدٍ لا بشرط عن الانضمام إلى سائر الأجزاء ، وامّا بكلّها ، أي كلّ الأجزاء أو كلّ واحدٍ بشرط الانضمام. فإنْ كانَ المتعلَّق هو الجزء ، فالمفروض أنّ الجزء لم يجب بالوجوب النفسي ، وتعلّق البعث الأكيد به يكون من تعلّق الحكم بشيء لا ملاك له ، لأنّ ملاك وجوب الجزء هو الملاك الغيري ، وملاك الوجوب الغيري لا يقتضي أزيد من الطلب الغيري ... فليس متعلَّق البعث الأكيد هو الجزء ، ولا الأجزاء لا بشرط عن الانضمام.
وإنْ كان المتعلَّق له هو الكلّ ، فإنّ الكلّ ليس له إلاّ ملاك الوجوب النفسي ، والبعث الأكيد تابع لكلا الملاكين.
وبهذا يظهر : إنه لو اتّصفت الأجزاء بالوجوب النفسي والغيري معاً ، وهي موجودة بوجود الكلّ ، يلزم اجتماع المثلين ، ولو اريد حلّ مشكلة الاجتماع بالاندكاك ، فإنّه ـ وإن كان قابلاً للتصوّر ، وهو واقع في مثل إكرام العالم الهاشمي ـ غير منطبق هنا ، لأن الحكم تابع للملاك ، وحدّ الملاك معلوم ، ولا يمكن زيادة الحكم على الملاك.
وتلخّص : إنّ هنا وجوباً واحداً فقط ، فإمّا النفسي وامّا الغيري ، فقال المحقق الخراساني : ليس هنا إلاّ الوجوب النفسي ـ وإن كان ملاك الوجوب الغيري بالنسبة إلى الأجزاء موجوداً ـ لسبق الوجوب النفسي. ثم أمر رحمهالله بالتأمّل.