الصّلاة بلا سورة ـ إمّا بالوجوب النفسي وامّا بالوجوب الغيري ، وذلك لأنّ الوجوب الغيري للأقل مترشّح من الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثر ، وأن تعلّقه بالأكثر علّة لوجوب الأقل وجوباً غيريّاً ، فكان هذا العلم الإجمالي معلولاً للعلم الإجمالي الأوّل ، وإذا تنجّز التكليف بالنسبة إلى الأكثر بالعلم السّابق ، فلا يعقل انحلاله بعد ذلك بالعلم اللاّحق المتولّد منه. وبعبارة أُخرى ، فإنه لا يعقل زوال العلّة بالمعلول.
والحاصل ، إنه بناءً على القول بوجوب الأجزاء بالوجوب الغيري ، لا ينحلّ العلم ، وتكون النتيجة الاحتياط لا البراءة.
وهذا الذي ذكرناه هو مقصود المحقّق العراقي ، لا ما نسب إليه في (المحاضرات)(١).
وبعد أن ذكر الاستاذ كلام القوم قال : بأنّ الحق عدم ترتّب الثمرة ، لأنّ مناط تنجيز العلم الإجمالي للأطراف هو جريان الاصول فيها وتساقطها بالمعارضة ، فلو جرى الأصل في طرفٍ بلا معارض له في غيره ، فلا موضوع للعلم الإجمالي ، وعلمنا في دوران الأمر بين الأقل والأكثر يعود ـ في الحقيقة ـ إلى أنّه هل الواجب هو الأجزاء التسعة لا بشرط الجزء العاشر وهو السورة حسب الفرض ، أو أنها تجب بشرط السّورة ، فيدور أمر الأجزاء التسعة بين أنْ تكون مطلقةً عن السورة أو مقيَّدة بها ، لكنّ جريان أصالة البراءة عن الإطلاق لا موضوع له ، لأنّ الإطلاق ليس بكلفةٍ حتى يُرفع بحديث الرفع امتناناً ، بل التقييد فيه الكلفة على المكلَّف وفي رفعها الامتنان عليه ... إذن ،
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ٢ / ٣٠١.