لأبي جعفر عليهالسلام : ما تقول في الصلاة في السّفر؟ كيف هي؟ وكم هي؟ فقال : إن الله عزّ وجلّ يقول : (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ) فصار التقصير في السفر واجباً كوجوب التمام في الحضر. قالا : قلنا : إنما قال الله عزّ وجلّ (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ) ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليهالسلام : أوليس قد قال الله عزّ وجلّ في الصفا والمروة : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ...)(١).
فهما يسألان الإمام عليهالسلام أنه لو قال : «افعلوا» لدلّ على الوجوب ، ولم يقل؟ فدلالة الصّيغة على الوجوب من المرتكزات في الأذهان ، والإمام عليهالسلام لم ينف هذا الارتكاز العقلائي ، بل أمضاه بسكوته.
فالرواية تدل على المدّعى بوضوح ، وطريق الشيخ الصّدوق إلى زرارة صحيح.
فالمختار
رجوع القضيّة إلى السيرة العقلائيّة.
أمّا الوجوه السابقة ، فقد عرفت ما فيها.
وأمّا حكم العقل ، فقد عرفت أن هذا المسلك منهم لا يلائم الجمع الدلالي ، على أنه أخص من المدّعى ، لاختصاصه بأحكام المولى الحقيقي ، فهناك يحكم العقل بحق الطاعة ، ولكنّ المدّعى هو دلالة المادّة والصيغة على الوجوب في مطلق الصادر من العالي إلى الداني.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٣٤ باب الصلاة في السفر.