الحكم متأخّراً عن ظرف الإنشاء ، لأن القيد ـ كالاستطاعة في الحج ـ قد لا يكون عند الإنشاء متحقّقاً.
(المقدمة الثانية) في مراتب الحكم ، وهي عند صاحب (الكفاية) أربع : الملاك ، والإنشاء ، والفعليّة ، والتنجيز ، وأمّا عند الميرزا فاثنتان فقط ، لأنه يرى أنّ الملاك علّة للحكم ، وعلّة الشيء خارجة عن الشيء ، وأن التنجيز إنما هو حكم العقل باستحقاق العقاب على المخالفة ، فليس من مراتب الحكم ... ويبقى الإنشاء والفعليّة ، أمّا الإنشاء ، فهو مرحلة الجعل ، وأمّا الفعليّة فهو مرحلة فرض وجود الموضوع وقيوده ، ففي قوله تعالى : (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ...)(١) يجعل الحكم على الموضوع المفروض وجوده وهو المستطيع ، وإن لم يكن موجوداً عند الإنشاء أصلاً ... هذا في مرحلة الإنشاء. وأمّا مرحلة الفعليّة ، فلا بدّ من وجوده في وعائه المناسب له من الخارج أو الاعتبار.
(وبعد المقدّمتين) يظهر أنّ الشرط في القضيّة الحقيقيّة ليس إلاّ شرط الحكم والجعل ، لما تقدّم من اتّحاد الظّرف فيها بين الإنشاء والفعليّة ، لكن القضايا الشرعيّة كلّها حقيقيّة ، وفي الحقيقيّة شرائط للجعل وشرائط للمجعول ، لاختلاف الظرف كما تقدّم ، ولذا نرى أن الحكم مجعول قبل البلوغ ، لكنّ فعليّته هي بعد البلوغ ، وعلى هذا ، فيرد على المحقق الخراساني الإشكال بأنه :
قد خلط بين شرائط الجعل وشرائط المجعول ، وبين القضيّة الخارجيّة والقضيّة الحقيقيّة ، فإنّ الذي ذكره إنما يتمّ في مرحلة الجعل والإنشاء ، فهناك يتحقّق لحاظ الموضوع وقيوده ولحاظ الحكم ويتحقق الإنشاء ، وذلك شرط
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.