حصول الجعل ، وليس في القضيّة الخارجيّة شيء سوى ذلك ، إلاّ أنّ في القضيّة الحقيقيّة طائفتين من الشرائط ، فشرائط الجعل والإنشاء غير شرائط المجعول ومرحلة فعليّة الحكم ، فإنّ شرط فعليّة الحكم هو الوجود الخارجي للموضوع المتصوّر بقيوده ، وإذا كان كذلك ، صار الشرط موضوعاً ، وحينئذٍ ، فلو تأخّر الشرط لزم تقدّم الحكم على موضوعه ، وهذا محال.
والحاصل : إن كلامنا في شرائط الحكم ، أي في شرائط فعليّته ، لا في شرائط الإنشاء والجعل له ... والوجود النفساني علّة للجعل ، وليس بعلّةٍ للفعليّة ، بل العلّة للفعليّة هي الوجود الخارجي الواقعي للموضوع في افق الاعتبار.
وقد أورد عليه في (المحاضرات) بما حاصله (١) : إن الأحكام الشرعيّة أمور اعتباريّة ، ولا تخضع إلاّ لاعتبار من بيده الاعتبار ، فلا تخضع لقوانين الموجودات التكوينيّة ، وعلى هذا ، فما يسمّى بالسبب أو الشرط ـ كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج ، والبلوغ بالنسبة إلى التكليف ، ونحو ذلك ـ ليس بسببٍ أو شرط للحكم ، وإنما هو الاعتبار فقط ... وإذا كان كذلك ، دار الأمر مدار كيفيّة الاعتبار ، فكما يمكن للشارع جعل الحكم على موضوع مقيَّد بقيدٍ فرض وجوده في زمان فعليّة الحكم ومقترناً لها ، كذلك يمكن له أن يجعل الحكم على موضوع مقيّدٍ بقيدٍ فرض وجوده ، متقدّماً على فعليّة الحكم أو متأخراً عنها.
وعلى الجملة ، فإنّ اللاّزم في القضيّة الحقيقيّة كون الموضوع مفروض
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ / ٣١٤ ـ ٣١٥.